اختيار برنامج ال BIM الأمثل خطوة تسرّع نجاح مشاريعك الهندسية

في عصر التحول الرقمي الذي يشهده قطاع البناء، أصبح اختيار برنامج ال BIM المناسب لشركتك قرارًا استراتيجيًا لا يقل أهمية عن اختيار نظام إدارة المشاريع أو فريق التصميم نفسه.

فـ برامج ال BIM (نمذجة معلومات البناء) لم تعد مجرد أدوات تصميم، بل أصبحت البنية التحتية الرقمية التي تحدد كفاءة تنفيذ المشروع من أول فكرة إلى تشغيل المنشأة.

وفقًا لتقرير McKinsey Construction 2024، فإن الشركات التي تستخدم برنامج ال BIM في جميع مراحل المشروع تحقق وفرًا في التكاليف بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بتلك التي تعتمد الطرق التقليدية.

بينما تشير مجلة ENR (Engineering News-Record) إلى أن أكثر من 70% من المشاريع الكبرى في الشرق الأوسط تستخدم حاليًا برامج ال BIM في التنسيق والتنفيذ.

أولًا: لماذا يمثل اختيار برنامج الBIM قرارًا محوريًا؟

يظن البعض أن جميع برامج الBIM تؤدي نفس الوظائف، لكن الفارق بين الأدوات يشبه الفارق بين “نظام إدارة بيانات” و“منصة متكاملة لاتخاذ القرار”.

كل برنامج BIM يقدم بيئة عمل مختلفة، مستوى تكامل خاص، وطريقة مميزة في التعامل مع البيانات.

على سبيل المثال، بينما يبرع Revit في التكامل بين التخصصات، يركز Tekla على التفاصيل الإنشائية، في حين يمنحك ArchiCAD مرونة إبداعية أكبر في التصميم.

ولذلك، فإن اختيار برنامج ال BIM الأمثل يعتمد على طبيعة شركتك، حجم مشاريعك، ونوع عملائك.

ثانيًا: مقارنة بين أشهر برامج الBIM في العالم

بحسب تقرير Dodge Data & Analytics (2024)، تُعد هذه الأدوات الأربع هي الأكثر استخدامًا في السوق العالمي للـBIM:

توضح Autodesk Construction Cloud Report (2024) أن استخدام أكثر من برنامج BIM واحد في بيئة متكاملة يمكن أن يرفع كفاءة المشروع بنسبة 22%.

وهذا ما يجعل بعض الشركات الكبرى تختار “مزيجًا ذكيًا” من برامج ال BIM بدلًا من الاعتماد على أداة واحدة.

ثالثًا: معايير اختيار برنامج الـBIM الأنسب

اختيارالافضل من برامج الـBIM لا يتعلق فقط بالشهرة أو السعر، بل بمدى توافقه مع طبيعة مشروعك.

فيما يلي أهم المعايير التي يجب أن تضعها في الاعتبار:

1. نطاق التخصصات

هل شركتك معمارية فقط؟ أم تعمل في التصميم الإنشائي أو الميكانيكي؟

– إن كنت تعمل في مشاريع متكاملة، فـ Revit هو الخيار الأكثر شمولية.

– أما للمكاتب المعمارية المستقلة، فيُعتبر ArchiCAD أكثر مرونة وسرعة.

2. حجم المشروع وتعقيده

المشروعات الضخمة ذات الفرق المتعددة تحتاج إلى برامج الـBIM توفر التكامل والتعاون السحابي.

بحسب NBS BIM Report (2023)، فإن Revit وNavisworks هما الأكثر استخدامًا في مشاريع المستشفيات والبنية التحتية الكبرى.

3. التكامل مع الأدوات الأخرى

إذا كنت تستخدم أنظمة ERP أو إدارة مشاريع مثل Primavera أو MS Project، فاختر برنامج الـBIM الذي يتكامل بسهولة معها.

Tekla وRevit على سبيل المثال يقدمان واجهات ربط قوية (API) لدمج الجداول الزمنية والمالية داخل النماذج.

4. تكلفة الترخيص والتدريب

وفقًا لتقرير Graphisoft 2024، تصل تكلفة تدريب الفريق على برنامج BIM واحد إلى ما بين 5,000 و10,000 دولار.

لذا من المهم اختيار برنامج سهل التعلم ويملك مجتمع دعم قوي، وهو ما يميز ArchiCAD وRevit تحديدًا.

رابعًا: كيف تدمج أكثر من برنامج BIM في بيئة واحدة؟

تتبنى بعض الشركات الآن ما يُعرف بـ Hybrid BIM Environment بيئة هجينة تجمع أكثر من برنامج.

مثلًا، يتم إنشاء النموذج المعماري على ArchiCAD، وتحليل الهيكل على Tekla، ثم دمج النماذج في Navisworks لتنسيق التنفيذ.

هذا الأسلوب، وفقًا لـ Building Smart International (2024)، يقلل من التعارضات بنسبة 25% ويحسن التواصل بين الفرق.

لكن النجاح في هذا الدمج يتطلب بنية تحتية رقمية قوية ومهندسين يجيدون العمل على أكثر من برنامج BIM واحد، وهو ما يمثل مستقبل الصناعة خلال السنوات الخمس القادمة.

خامسًا: كيف تختار “أفضل برنامج BIM” لشركتك؟

لكي تختار أفضل برنامج BIM لاستثمارك الهندسي، اتبع الخطوات التالية:

قيّم احتياجات شركتك من حيث نوع المشاريع، وعدد المستخدمين، ومستوى التعاون المطلوب.
جرّب أكثر من أداة عبر النسخ التجريبية قبل اتخاذ القرار النهائي.
احسب التكلفة الكلية (الترخيص + التدريب + الصيانة السنوية).
استشر شركاءك التقنيين أو استشاري BIM مستقل لتقييم الجاهزية الرقمية.

وتؤكد PwC Digital Construction Outlook (2024) أن الشركات التي تختار برنامج الـBIM بناءً على تحليل الاحتياجات تحقق معدل نجاح أعلى بنسبة 18% مقارنة بمن تختار بناءً على التوصيات العامة فقط.

اختيار برنامج ال BIM الأمثل ليس مجرد قرار تقني، بل هو قرار استثماري يحدد مدى جاهزيتك للمنافسة في السوق الهندسي الحديث.

كل برنامج BIM يمثل فلسفة عمل مختلفة من الإبداع التصميمي إلى الكفاءة التنفيذية والذكاء يكمن في المواءمة بينهما لتحقيق أهداف مشروعك بأعلى كفاءة.

كما جاء في تقرير Autodesk Construction Trends 2024:

“الشركات التي تتعامل مع برامج ال BIM كمنصة استراتيجية وليست أداة تقنية فقط، هي من تقود مستقبل البناء في العالم الرقمي.”

الآن بعد أن تعرّفنا على كيفية اختيار برنامج الـBIM الأنسب لنجاح مشاريعك، يبقى السؤال الأهم: كيف تُدار المعلومات فعليًا خلال دورة حياة المشروع؟

في المقال القادم من سلسلة الـBIM، سنتعمق في “إدارة البيانات من التصميم إلى الصيانة”

وكيف تجعل الـBIM مشاريعك أكثر ذكاءً واستدامة من أي وقت مضى.

"المقال السابق"

التفكير الهندسي يقود التحول الاستثماري في رؤية السعودية 2030

في إحدى قاعات الاجتماعات بأبراج الرياض الحديثة، اجتمع فريق من المطورين والمستثمرين لمناقشة مشروع مدينة ذكية جديدة. تنوّعت الأسئلة بين التمويل، الجدوى،العائد على الاستثمار، لكن ظلّ السؤال الأهم مطروحًا: كيف يمكن تحويل الأفكار الاستثمارية إلى مشروعات عمرانية تحقق التحول الاستثماري الحقيقي نحو النمو والاستدامة معًا؟